
تحل ذكرى 11 يناير من كل عام، حاملةً معها عبق التاريخ وروح الوطنية المغربية. ففي هذا اليوم من عام 1944، سطرت الحركة الوطنية المغربية إحدى أبرز محطاتها التاريخية بتقديم “وثيقة المطالبة بالاستقلال”، وهي خطوة جريئة وشجاعة أظهرت طموح الشعب المغربي نحو الحرية والسيادة الوطنية.
خلفية تاريخية
شهدت ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين تصاعد الوعي الوطني في المغرب، حيث عملت الحركة الوطنية بقيادة شخصيات بارزة على تعزيز الهوية الوطنية ومقاومة الاستعمار الفرنسي والإسباني. وفي ظل سياق عالمي متغير بفعل الحرب العالمية الثانية، استغلت النخبة الوطنية الفرصة للتعبير عن مطالبها.
الوثيقة ومضامينها
قدمت الوثيقة يوم 11 يناير 1944 إلى السلطات الفرنسية والمقيم العام بالمغرب، وإلى السفارات الأجنبية في الرباط، مطالبةً بالاستقلال الكامل للمغرب تحت قيادة الملك محمد الخامس. تضمنت الوثيقة دعوة إلى:
- إنهاء نظام الحماية المفروض على المغرب منذ 1912.
- الاعتراف بالسيادة الوطنية ووحدة التراب المغربي.
- دعم الحريات العامة وتعزيز الحقوق الأساسية للشعب المغربي.
ردود الفعل
أثارت وثيقة المطالبة بالاستقلال ردود فعل متباينة. فقد قوبلت بترحيب شعبي واسع، حيث أصبحت رمزاً للوحدة الوطنية والمقاومة. في المقابل، واجهتها السلطات الاستعمارية بالقمع والاعتقالات التي طالت العديد من قيادات الحركة الوطنية.
الأثر التاريخي
شكلت هذه الوثيقة منعطفاً مهماً في مسيرة الكفاح الوطني المغربي، إذ أعادت القضية المغربية إلى الساحة الدولية، وأبرزت وحدة الشعب المغربي خلف قيادته الشرعية. وقد توج هذا النضال بإعلان الاستقلال في 2 مارس 1956، لينتهي عهد الحماية ويبدأ عهد جديد من السيادة الوطنية.
الاحتفاء بالذكرى
يحتفي المغاربة بذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال كحدث وطني يجسد القيم الوطنية وروح التضحية من أجل الوطن. تُقام بهذه المناسبة أنشطة ثقافية وتربوية تُبرز أهمية هذه اللحظة التاريخية، وتُعرّف الأجيال الجديدة بمعاني الوطنية والمواطنة الحقة.
الخلاصة
إن ذكرى 11 يناير ليست مجرد محطة تاريخية، بل هي درس في النضال والوحدة. إنها مناسبة لتجديد العهد على الحفاظ على المكتسبات الوطنية وتعزيز روح التضامن لبناء مغرب قوي ومتقدم، وفاءً لتضحيات الأجداد وأمانة للأجيال القادمة.