
رغم مرور عدة أيام على تداول شكاية تقدم بها رشيد الفايق، البرلماني السابق عن حزب التجمع الوطني للأحرار والرئيس السابق لجماعة أولاد الطيب، لا يزال الحزب يلتزم الصمت بخصوص الاتهامات الخطيرة التي وردت فيها، والمتعلقة بتقديم مبالغ مالية كبيرة لمسؤول بولاية فاس مقابل تسهيل الفوز في الانتخابات البرلمانية لعام 2021.
الفايق، المعتقل منذ 2022 في قضايا فساد عمراني، وجّه شكاية إلى النيابة العامة، كشف فيها عن تفاصيل صفقة مزعومة دفع خلالها، بمعية قيادي سياسي آخر، مبلغ 8 ملايين درهم لمسؤول كبير مقابل دعم ترشح ثلاثة برلمانيين ينتمون للحزب نفسه.
الشكاية تضمنت مزاعم بأن الأموال تم توزيعها على النحو التالي: 4 ملايين درهم للمترشح الأول، و2 مليون درهم لكل من المرشحين الثاني والثالث، وذلك لضمان فوزهم في استحقاقات 8 شتنبر. كما دعا الفايق إلى فتح تحقيق تقني في الاتصالات التي جرت بين الأطراف، وتقديم الخبرة اللازمة على الهواتف المستخدمة.
وفي تعليق على الموضوع، قال المحامي محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، إن هذه المعطيات تؤكد وجود شبهات قوية حول استعمال المال في التنافس الانتخابي، مضيفًا أن الشكاية تعكس “حالة تذمر” من الفايق الذي يشعر بأنه ضُحي به، بينما “شبكة الفساد الحقيقية لا تزال خارج المتابعة”.
واعتبر الغلوسي أن تصريح الفايق يحمل أبعادا تتجاوز وضعه القانوني الشخصي، حيث يسعى من خلاله إلى تسليط الضوء على منظومة فساد أكبر، تمتد داخل المدينة وخارجها. وأضاف أن وجود تحويلات مالية تمت إلى حسابه البنكي قد يكون مفتاحًا مهما للتحقيق، خاصة إذا تم التأكد من وجود تسجيلات أو رسائل رقمية تدعم أقواله.
كما شدد المتحدث على ضرورة تحرك النيابة العامة بجدية، وتكليف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالاستماع لكل الأطراف المعنية، واللجوء إلى الخبرات التقنية لتحديد صحة الادعاءات.
وحذر الغلوسي من خطورة ما وصفه بـ”اقتصاد الخفاء” الذي تغذيه مبالغ مالية ضخمة تُتداول نقدًا خارج المسارات البنكية والضريبية، ما يثير شبهة غسيل أموال وتبييضها عبر القنوات السياسية.
وختم الغلوسي بأن التحقيق القضائي هو الوحيد الكفيل بكشف ما إذا كانت هذه الشكاية قائمة على وقائع موثقة، أم أنها مجرد محاولة لتخفيف الضغط على صاحبها، أو توجيه الاتهامات لأطراف أخرى في سياق تصفية حسابات شخصية.