
كشف عضو في المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، أن الحزب يعيش حالة من التآكل الداخلي والانحدار التدريجي نحو الهامش، وسط قيادة ثلاثية تعاني من الضعف والتشتت وغياب الرؤية السياسية. وأكد المصدر ذاته، الذي رفض الكشف عن هويته، أن الأصالة والمعاصرة اليوم لم يعد يملك أي ملامح لمشروع سياسي متماسك، ولا زعامة قادرة على تأطير مناضليه أو التعبير عن موقفه داخل المشهد السياسي المغربي.
وبحسب المصدر، فإن القيادة الحالية المكونة من فاطمة الزهراء المنصوري ومحمد المهدي بنسعيد وفاطمة السعدي، لم تأت نتيجة تعاقد سياسي أو مشروع جماعي، بل كانت ثمرة تسوية داخلية هشة أقرب إلى هدنة مؤقتة. واعتبر أن هذه التركيبة القيادية أثبتت فشلها في أكثر من مناسبة، سواء في تدبير المواقف الإعلامية أو في التفاعل مع الهجمات التي يتعرض لها الحزب، أو حتى في التعبير عن موقف واضح داخل الحكومة.
وأشار إلى أن بعض أعضاء القيادة أصبحوا أكثر انشغالا بمواقعهم الحكومية ومصالحهم الشخصية من اهتمامهم بمصير الحزب. وقال بالحرف: “نحن اليوم أمام حزب بلا صوت، بلا رؤية، وبلا قدرة على التموقع. كل ما نفعله هو التكيف مع مشيئة حزب الأحرار، الذي لا يخفي رغبته في تهميشنا وتحويلنا إلى ملحق سياسي”.
وفي تحليله للمشهد الداخلي، أكد المصدر أن الحزب فقد هويته الخطابية والتنظيمية، واندمج بالكامل في منطق الشراكة غير المتكافئة مع حزب التجمع الوطني للأحرار، وهو ما زاد من هشاشة موقعه داخل الحكومة وقلص حضوره الإعلامي والسياسي. وأضاف: “فاطمة الزهراء المنصوري تؤدي أدوارها في إطار تمثيل رسمي محدود، لا يحمل أي مضمون سياسي فعلي. بنسعيد غارق في وزارته، ولا علاقة له بالحزب، أما فاطمة السعدي فهي غائبة عن كل دوائر القرار والنقاش الحزبي”.
ولم يخفِ المصدر امتعاضه من بعض الأسماء التي قال إنها “ركبت على الحزب واستفادت من موقعه دون أن تقدم أي شيء”، مهاجماً بالاسم وزير الإدماج الاقتصادي يونس السكوري، الذي وصفه بـ”السوبير وزير”، في إشارة إلى ما اعتبره تضخماً في حضوره الحكومي والإعلامي دون أي تنسيق مع الحزب، أو دفاع عن مواقفه. كما لم يتردد في انتقاد البرلماني هشام المهاجري، قائلاً: “هو نموذج للنائب الذي يستعمل الحزب مطية للخطاب الشعبوي، ثم يتنصل من مسؤولياته الحزبية كلما اشتدت الحاجة إلى موقف واضح”.
وطرح المتحدث تساؤلات محرجة حول قدرة هذه القيادة على خوض استحقاقات انتخابية مفصلية سنة 2026، قائلا: “هل يعقل أن حزبا بهذا التاريخ لا يملك وجها سياسيا واحدا قادرا على إقناع المواطنين أو مواجهة الخصوم؟ هل هؤلاء فعلا قيادة؟”.
وفي سياق حديثه عن غياب الزعامة داخل الحزب، لم يتردد المصدر في استدعاء اسم إلياس العماري، معتبرا أنه، رغم كل ما يقال عنه، يبقى الشخصية الوحيدة التي قادت الحزب بشجاعة تنظيمية وسياسية حقيقية، خاصة خلال مرحلة التوتر مع الإسلاميين. وأكد أن العماري، الذي قيل إنه غادر الساحة بطلب من جهات عليا، لا يزال حاضرا بقوة في كواليس السياسة، بل إن كثيرا من مناضلي الحزب يعتبرونه الورقة الوحيدة القابلة لإعادة بعث التنظيم، إذا ما تم اتخاذ قرار بإنقاذ ما تبقى من مشروع الأصالة والمعاصرة.
وشدد المتحدث على أن الحزب يشتغل اليوم بمنطق الوظيفة، وليس بمنطق القيادة أو الزعامة، وأن المكتب السياسي فقد دوره كموقع للمبادرة والقرار، وأصبح فضاء لتوزيع الأدوار والمواقع. وتابع قائلا: “نحن في حاجة إلى زلزال تنظيمي حقيقي يعيد ترتيب البيت الداخلي، وإلا فالمصير هو الانقراض السياسي التام”.
وختم المصدر تصريحه بالقول إن الاحتفاظ بحزب قوي ومتماسك داخل المشهد السياسي المغربي ليس فقط مسؤولية القيادة الحزبية، بل مسؤولية من يديرون التوازنات السياسية في البلاد، لأن ضعف قيادة الأصالة والمعاصرة سيحول الحكومة إلى فضاء مغلق بلا رقابة ولا بدائل.