اقتصادالرئيسية

المغرب والجزائر في سباق نفوذ جديد داخل موريتانيا عبر بوابة الطاقة

يتخذ التنافس المغربي الجزائري أبعادًا جديدة في غرب إفريقيا، وهذه المرة من بوابة سوق المحروقات في موريتانيا، التي تحولت إلى ساحة استراتيجية يتقاطع فيها الاقتصاد بالطاقة، وتتشابك فيها المصالح الإقليمية بالأجندات الجيوسياسية.

ففي ظرف زمني متقارب، عززت شركتان من البلدين الجارين حضورهما داخل موريتانيا، في مشهد يعكس تصاعد رهانات الهيمنة على قطاع حيوي، وسط تحولات كبرى يشهدها المحيط الإقليمي، تتعلق بتأمين الموارد، وتوسيع النفوذ، وتموقع جديد في السلسلة الطاقية للقارة.

وتحاول الجزائر، عبر ذراعها الطاقي العمومي، الدخول بقوة إلى السوق الموريتانية من خلال اتفاقيات تعاون ثنائية تشمل التوزيع وربما لاحقًا الاستكشاف والإنتاج، في وقت تسعى فيه الرباط إلى ترسيخ مكاسبها السابقة، التي راكمتها من خلال استثمارات مغربية في البنية التحتية لتخزين وتوزيع المحروقات، واستحواذات استراتيجية غيّرت موازين القوى في السوق المحلي.

هذه المنافسة لا تقتصر على الجوانب التجارية، بل تعكس صراع مواقع في منطقة تعتبر امتدادًا طبيعيًا لنفوذ كل من الرباط والجزائر، خاصة في ظل متغيرات جيوسياسية حساسة على مستوى الساحل والصحراء، وتراجع الثقل الفرنسي، وصعود فاعلين جدد يبحثون عن موطئ قدم في المشهد الطاقي الناشئ.

من جهة أخرى، تستقبل موريتانيا هذا التنافس في سياق داخلي يطبعه الضغط المتزايد على قدراتها الطاقية، وسط ارتفاع أسعار الوقود، وضعف البنية التحتية، وتحديات الاستيراد المكلفة. فرغم المجهودات الحكومية لدعم الطاقة، لا تزال فئات واسعة من السكان تواجه صعوبات في التزود بالوقود، ما يطرح إشكالات أمن طاقي مزمنة.

وتتجه الأنظار إلى المشروع الغازي الضخم على الساحل الموريتاني، والذي يُنتظر أن يكون نقطة تحول استراتيجي في معادلة الطاقة الوطنية، سواء من حيث تحقيق الاكتفاء الذاتي، أو من حيث جذب استثمارات خارجية، قد تعيد رسم الخريطة الطاقية في البلاد، وتمنح موريتانيا موقعًا تفاوضيًا أقوى في محيطها الإقليمي.

في خلفية هذا المشهد، يبدو أن سباق الطاقة بين الجزائر والمغرب يتجاوز موريتانيا إلى إعادة تشكيل توازنات غرب إفريقيا، في ظل ديناميات دولية جديدة تُعيد ترتيب أولويات الأمن والاقتصاد، وتضع الطاقة في قلب معادلات التأثير والتقارب والصراع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى