
في تطور يثير القلق بشأن أمن المعلومات في المغرب، كشفت إدارة الدفاع الوطني عن تفاصيل مثيرة بخصوص الهجمات السيبرانية الأخيرة التي استهدفت عدداً من المؤسسات والإدارات العمومية. التحريات التي باشرتها المديرية العامة لأمن نظم المعلومات أظهرت أن بعض الوثائق التي جرى تداولها نُسبت إلى مؤسسات غير معنية مباشرة بالاختراق، مما يؤشر إلى وجود تضليل رقمي موازٍ للهجمات.
غير أن المفزع في الأمر، بحسب الإدارة، هو نجاح عدد من الهجمات فعلياً في اختراق الأنظمة المعلوماتية لمؤسسات عمومية بعينها. ووفقًا للمعطيات الرسمية، فإن المنصات التي تكبدت أكبر الأضرار هي تلك التي لم تخضع مسبقًا لأي افتحاص أمني، واعتمدت بنية هشة أساسها تبادل المعطيات دون التقيّد بمعايير الحماية، مع استخدام كلمات مرور ضعيفة وعدم تفعيل المصادقة المتعددة العوامل، ما جعلها أهدافًا سهلة للاختراق.
وفي جواب كتابي على سؤال للمستشار البرلماني خالد السطي حول ضعف البنية السيبرانية ومخاطر تسريب بيانات المواطنين، أكدت إدارة الدفاع الوطني أن المهاجمين استغلوا حسابات ضحايا سبق تسريب بياناتهم على “الدارك ويب”، بعد إصابة أجهزتهم ببرمجيات خبيثة. وقد أتاح هذا الوصول غير المشروع إلى معطيات حساسة وثغرات برمجية مكّنتهم من الاستيلاء على وثائق رسمية بالغة الأهمية.
الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني، عبد اللطيف لوديي، أشار إلى أن مديرية أمن نظم المعلومات سبق أن نبهت إلى هذه الثغرات قبل وقوع الاختراق، وأطلقت إنذارات مسبقة للمؤسسات العمومية المعنية. كما تم تفعيل لجنة تدبير الأزمات السيبرانية المنبثقة عن اللجنة الاستراتيجية للأمن السيبراني، لمتابعة الوضع وتوجيه التدخلات حسب درجة الخطورة، وفق مقاربة تشاركية تقوم على التنسيق والتحليل السريع للمعطيات.
وإلى جانب التدخل العاجل، قامت اللجنة الاستراتيجية للأمن السيبراني بعمليات تحليل رقمي معمق لرصد مؤشرات الاختراق وتحديد طبيعة الثغرات المستغلة، واستقراء أساليب الهجوم. ويهدف هذا العمل إلى تعزيز القدرات الوطنية في الاستباق والتصدي، وبناء جدار حماية رقمي فعّال يحصن الأنظمة الوطنية من هجمات مماثلة مستقبلاً.
وفي ختام جوابه، وجه الوزير دعوة صريحة لجميع المؤسسات والهيئات الوطنية للامتثال الصارم للتوجيهات والتدابير الصادرة عن السلطة الوطنية للأمن السيبراني. وأكد أن المديرية العامة لأمن نظم المعلومات ستواصل تقديم المواكبة والدعم التقني كلما استدعت الضرورة، بما في ذلك تعبئة خبراء الأمن الرقمي لمواجهة أي خطر محتمل.
ما كشف عنه هذا الهجوم ليس فقط ضعف البنية الرقمية لمؤسسات وطنية يفترض فيها حماية بيانات المواطنين، بل يعكس أيضاً الحاجة المستعجلة إلى ثورة في الأمن السيبراني المغربي، تضع تأمين الفضاء الرقمي في صدارة الأولويات الاستراتيجية للدولة.