
تشهد أسعار البيض في السوق المغربية ارتفاعًا ملحوظًا أثار موجة استياء واسعة، وسط تصاعد الشكوك حول وجود اختلالات خطيرة في سلاسل الإنتاج والتوزيع، وتواطؤ محتمل بين كبار المنتجين والمستوردين لتقويض المنافسة الحرة واستنزاف القدرة الشرائية للمواطنين.
ووجهت فعاليات مدنية مهتمة بحماية المستهلك دعوة ملحة إلى الجهات الحكومية من أجل فتح تحقيق شفاف وشامل حول أسباب الارتفاع المفاجئ وغير المبرر في الأسعار، مشددة على ضرورة كشف المتورطين في أي عمليات احتكار أو تلاعب في العرض، والعمل الفوري على إعادة التوازن إلى السوق.
وأثارت تقارير ميدانية شبهات قوية بوجود ممارسات مشبوهة، من بينها إتلاف كميات من الدجاج البياض بشكل مقصود لتقليص الإنتاج ورفع الأسعار بشكل اصطناعي. ويُنظر إلى هذا السلوك كتكتيك مرفوض يُقوّض المنافسة الشريفة ويمس باستقرار السوق الغذائي الوطني.
ورغم غياب أي بلاغات رسمية عن أمراض أو أوبئة في ضيعات الدواجن، يستمر ارتفاع الأسعار دون سند اقتصادي واضح، خصوصًا في ظل تراجع أسعار الذرة وفول الصويا عالميًا خلال سنة 2025، وهما من المكونات الأساسية لعلف الدواجن، ما يفترض أن يُفضي إلى انخفاض في تكلفة الإنتاج، لا العكس.
ويُلاحظ كذلك أن الشركات المستوردة للأعلاف ما زالت تبيع بأسعار مرتفعة رغم استفادتها من إعفاءات جمركية وتسهيلات ضريبية وفرتها الحكومة سابقًا لدعم استقرار السوق. ما يعزز فرضية وجود تنسيق مسبق بين كبار الموردين والمنتجين للتحكم في السوق، وتضخيم هوامش الأرباح بشكل غير مشروع.
وتُسائل هذه الوضعية الصامتة الحكومة حول غياب أي تدخل فوري، في وقت كانت الدولة قد اتخذت سنة 2016 خطوة مماثلة عبر خفض الرسوم الجمركية على واردات بيض الاستهلاك، ما أدى حينها إلى كسر موجة الغلاء وعودة الأسعار إلى مستوياتها الطبيعية.
كما يتجدد النقاش حول ضرورة تفعيل دور مجلس المنافسة لإجراء تقييم دقيق لوضعية السوق، والكشف عن أي ممارسات منافية لقوانين المنافسة الحرة، مع ضرورة تقديم تقرير مفصل للرأي العام يضع النقاط على الحروف.
وتبرز أيضًا الحاجة إلى فتح الاستيراد أمام جميع التجار المعتمدين، بدل حصره في فئة قليلة تتحكم في مفاصل العرض، ما من شأنه خلق منافسة صحية وضمان توفر البيض بأسعار معقولة، كما يعيد الاعتبار لمبدأ المساواة والعدالة الاقتصادية.
وفي ظل استمرار الغلاء وغياب المعطيات الرسمية المطمئنة، تظل الأسئلة الجوهرية معلقة: من يتحكم في سوق البيض؟ ولماذا تصمت الحكومة رغم توفرها على آليات التدخل؟ وهل تستمر الجهات الوصية في التغاضي عن عبث المتحكمين بالسوق على حساب الأمن الغذائي للمغاربة؟