
تشهد أسعار لحوم الدجاج بمدينة الدار البيضاء ارتفاعاً غير مسبوق، إذ تجاوز سعر الكيلوغرام الواحد عتبة 21 درهماً في عدد من الأحياء، في ظل استمرار موجة الغلاء التي ترهق القدرة الشرائية للمواطنين، وتضغط على ميزانيات الأسر ذات الدخل المحدود والمتوسط.
هذا الارتفاع لا يقتصر فقط على العاصمة الاقتصادية، بل تسجَّل أثمان أعلى في مدن أخرى، حيث بلغ السعر في بعض المناطق 25 درهماً، ما يزيد من حدة الأزمة ويثير تساؤلات حول خلفيات هذا التصاعد المستمر، خاصة في غياب أي إجراءات واضحة من الجهات المختصة لضبط السوق.
ويرتبط هذا الغلاء الموسمي، بحسب المعطيات المتوفرة، بارتفاع الطلب بشكل ملحوظ خلال فصل الصيف، بسبب الإقبال الكبير من مموني الحفلات والمناسبات، الذين يعمدون إلى اقتناء كميات مهمة من الدجاج لتلبية حاجيات الأعراس والولائم. هذا الطلب المتزايد يُسهم في تقليص العرض في الأسواق الاستهلاكية العادية، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
ومع تجاوز أسعار اللحوم الحمراء لقدرة العديد من الأسر، كانت اللحوم البيضاء تشكل الخيار البديل والأقل كلفة، غير أن تصاعد أثمانها بهذه الوتيرة يُربك خيارات المواطنين، ويضعهم أمام معادلة معقدة بين تلبية الحاجيات الغذائية اليومية واحترام حدود الدخل المتآكل بفعل ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية.
المثير للقلق أن هذا الارتفاع يُسجل في غياب أي تدخل حكومي فعال لضبط السوق أو التخفيف من تأثير المضاربات، خصوصاً في قطاع ظلّ لعقود يعاني من اختلالات بنيوية على مستوى الإنتاج والتوزيع والتسويق، دون أن تتم معالجتها بشكل جذري.
ويطالب المواطنون والمهنيون على حد سواء بتدخل الجهات الوصية على القطاع من أجل مراقبة سلسلة التوزيع، وضمان استقرار الأسعار، ووضع حدّ لأي ممارسات احتكارية تضرب في العمق مبدأ القدرة الشرائية للمواطن البسيط، وتُهدد الأمن الغذائي لشرائح واسعة من المجتمع.
وفي ظل هذه المؤشرات، يبدو أن أسعار الدواجن مرشحة لمزيد من الارتفاع ما لم تتخذ السلطات تدابير عملية للحد من الضغط الموسمي وضبط السوق، قبل أن يتحول استهلاك اللحوم البيضاء إلى “ترف” جديد يُضاف إلى لائحة المواد التي أصبحت بعيدة المنال لعدد كبير من المغاربة.