
كشفت الحكومة، عبر مذكرتها التوجيهية لمشروع قانون مالية 2026، عن حزمة من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، في مقدمتها تحقيق معدل نمو يبلغ 4,5%، وخفض عجز الميزانية إلى 3% من الناتج الداخلي الخام، مع الإبقاء على نسبة المديونية في حدود 65,8%. كما تراهن على تطوير المهن العالمية للمغرب، وتعزيز الاستثمار في الصناعة الوطنية، إلى جانب إصلاح المرفق العمومي ورقمنة الخدمات.
ورغم أن هذه المؤشرات تعكس طموحا واضحا نحو تعزيز التوازنات الماكرو-اقتصادية، إلا أن التحدي الأكبر يظل في قدرتها على ترجمة هذه الأرقام إلى تحسن ملموس في الحياة اليومية للمواطنين، خصوصا في ظل استمرار ضغوط القدرة الشرائية، وارتفاع أسعار المواد الأساسية، وتحديات سوق الشغل.
في السنوات الماضية، غالبا ما كانت الفوارق بين الأرقام الرسمية والواقع الميداني مثار نقاش واسع، حيث لم تنجح معدلات النمو المعلنة في الحد من البطالة أو تحسين جودة الخدمات العمومية في مجالات الصحة والتعليم. وهو ما يطرح السؤال حول آليات تنفيذ هذه الأهداف، وضمان استفادة جميع الفئات والمجالات من ثمار النمو.
كما أن الاستثمار في البنية التحتية والصناعة، رغم أهميته، يحتاج إلى مواكبة بإصلاحات اجتماعية حقيقية، تشمل محاربة الفوارق المجالية، وتوفير خدمات عمومية ذات جودة، بما يضمن أن تتحول المؤشرات الإيجابية من مجرد بيانات إحصائية إلى واقع معيش يلمسه المواطن.
بهذه المعادلة المعقدة، يقف مشروع مالية 2026 أمام اختبار مزدوج: الحفاظ على استقرار المؤشرات الاقتصادية، وفي الوقت نفسه معالجة الاختلالات الاجتماعية التي تشكل مصدر القلق الأكبر للمواطن المغربي.