
باشرت المفتشية العامة للمالية تحقيقات معمقة حول شبهات تلاعب خطيرة بصفقات عمومية، بعد توصلها بإشعارات متكررة تفيد بوجود ممارسات تهدف إلى تضييق ولوج المقاولات الصغرى والمتوسطة، وتفويت الصفقات إلى شركات “محظوظة”، عبر ما يشبه “تشفير” دفاتر الشروط وتغليفها بالغموض لقطع الطريق على منافسين محتملين.
ووفق مصادر مطلعة، كشفت عمليات التدقيق أن مسؤولي المشتريات في عدد من المؤسسات والمقاولات العمومية تجاهلوا تقديم توضيحات جوهرية بشأن بنود طلبات العروض، رغم توصلهم بأسئلة مباشرة من شركات متنافسة. وطلب المفتشون جردًا بأسماء الشركات الفائزة بالصفقات خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ليتبين أن شركتين فقط استحوذتا على ثلثي الصفقات في مؤسسة عمومية واحدة.
المعطيات أظهرت أن بعض المؤسسات تعمدت الرد على استفسار واحد فقط من أصل عشرة أسئلة تقنية وجهتها إحدى الشركات، ما دفعها إلى الانسحاب مبكرًا من المنافسة بسبب استمرار الغموض في المعطيات. كما رصد التقرير أن الأجوبة الناقصة أو الغامضة رفعت من المخاطر التشغيلية لدى الشركات، خاصة في صفقات تجهيزات وأشغال، مع مخاوف من ارتفاع غير متوقع في التكاليف.
التقرير أشار أيضًا إلى أن هذه الممارسات تمثل خرقًا لمقتضيات المادة 25 من المرسوم 2.22.431 المتعلق بالصفقات العمومية، التي تلزم أصحاب المشاريع بالرد على كل طلب توضيح في أجل أقصاه ثلاثة أيام قبل تاريخ فتح الأظرفة، وبإبلاغ جميع المتنافسين بأي معلومة أو توضيح تمت مشاركته مع طرف واحد، ضمانًا لمبدأ تكافؤ الفرص.
وتستعد مصالح المفتشية لإحالة خلاصاتها على الجهات المختصة، وسط ترقب لاتخاذ إجراءات تأديبية وربما إحالات قضائية، بالنظر إلى أن الأمر يتعلق بممارسات ممنهجة تمس بشفافية الصفقات العمومية وبمصداقية مناخ الأعمال.