
تتهيأ المركزيات النقابية الأكثر تمثيلاً لتقديم مذكراتها للحكومة استعداداً لجولة جديدة من الحوار الاجتماعي المرتقبة في شهر شتنبر، والتي تركز على إصلاح أنظمة التقاعد في ظل التحديات المتزايدة التي تواجهها الصناديق التقاعدية. ويأتي هذا الاستحقاق في وقت تعاني فيه هذه الأنظمة من ضغوط مالية هيكلية ناجمة عن ارتفاع أعداد المتقاعدين وطول متوسط العمر، مقابل تقلص أعداد النشطين المساهمين، ما أسفر عن عجز مالي ملح يهدد استدامة هذه الصناديق.
وترى النقابات أن معالجة هذا الخلل المالي يتطلب خطة شاملة تتجاوز الإجراءات الظرفية، وتشمل إصلاحات هيكلية وضمانات اجتماعية، إلى جانب البحث عن مصادر تمويل إضافية سواء عبر مساهمات جديدة أو توسيع قاعدة المنخرطين، مع الحفاظ على التوازن بين المساهمات والمنافع. كما تركز مذكراتها على تحقيق التوازن بين الأجيال، بحيث تُحافظ حقوق المتقاعدين الحاليين دون المساس بحقوق الأجيال القادمة، مع مراعاة العدالة بين الفئات المختلفة وعدم تحميل فئة دون أخرى أعباء إضافية في ظل الوضع الاقتصادي والاجتماعي الراهن.
وفيما يخص سن التقاعد، تؤكد النقابات ضرورة استناد أي تعديل على دراسات علمية ومعطيات دقيقة حول سوق الشغل ومتوسط الأعمار، مع توفير تحفيزات للراغبين في الاستمرار بعد السن القانوني. كما تشدد على ضرورة تطوير أنظمة التقاعد لمواكبة التحولات الاقتصادية والاجتماعية، بما فيها تزايد العمل غير المهيكل وارتفاع نسب البطالة في بعض الفئات.
وتعتبر النقابات أن مذكراتها ستكون أرضية تفاوضية أساسية تحدد ملامح الحوار الاجتماعي في شتنبر، الذي يهدف إلى التوصل إلى توافقات توازن بين ضمان استدامة الصناديق والحفاظ على المكتسبات الاجتماعية. ورغم اختلاف وجهات النظر بين الحكومة والنقابات وأرباب المقاولات، يجمع الجميع على أن إصلاح أنظمة التقاعد لم يعد خياراً مؤجلاً، بل ضرورة وطنية لضمان مستقبل المتقاعدين واستقرار هذه المنظومة الحيوية للأجيال الحالية والمقبلة.