
كشف مشروع القانون رقم 59.24 المتعلق بالتعليم العالي والبحث العلمي عن تغييرات جوهرية في طريقة تمويل الجامعات وتدبيرها، فاتحا الباب أمام مساهمة القطاع الخاص والجماعات الترابية، ومنحها إمكانية تأسيس شركات مساهمة أو الدخول في رأسمال مقاولات خاصة، في خطوة تهدف إلى تنويع مصادر الدخل وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
النص القانوني يتيح للجامعات الاستفادة من الإعانات المالية التي تقدمها الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية، إلى جانب مداخيل الأنشطة المرتبطة بالتكوين والابتكار. كما يُلزم أن لا تقل مساهمة الجامعة في رأسمال أي مؤسسة تُحدث في هذا الإطار عن 34 في المئة، بما يضمن حضورها الفعلي في عملية التسيير والتطوير.
على مستوى الحكامة، يقترح مشروع القانون إحداث جهاز جديد يحمل اسم “مجلس الأمناء”، يُعهد إليه بتتبع الإستراتيجيات متعددة السنوات وتقييم أداء الجامعات. ويتشكل هذا المجلس من رئيس الجامعة والسلطتين الحكوميتين المكلفتين بالتعليم العالي والمالية، إلى جانب شخصيات من عالم الاقتصاد والبحث العلمي، وأمينَي السر الدائمين لكل من أكاديمية المملكة وأكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات. كما ينضم إليه والي الجهة أو من يمثله، ورئيس مجلسها الجهوي، فضلا عن ممثلين للأساتذة والإداريين.
هذا المجلس سيكون مطالبا بالمصادقة على الإستراتيجيات والبرامج السنوية، وتتبع تنفيذ العقود المبرمة مع الدولة، والبت في قضايا إحداث أو دمج أو حذف مؤسسات جامعية جديدة.
أما “مجلس الجامعة” فيتألف من رئيسها ورؤساء المؤسسات الجامعية التابعة لها، وممثلين عن الأساتذة والإداريين والطلبة، بالإضافة إلى ممثلين عن القطاعات الاقتصادية والاجتماعية. ويُناط به النظر في الإستراتيجية العامة للجامعة والمصادقة على ميزانيتها وتطوير التكوينات وتحسين جودة التعليم والبحث.
المشروع، الذي يثير نقاشا في الأوساط الأكاديمية، يعكس توجها نحو إدخال القطاع الخاص في صلب منظومة التعليم العالي بالمغرب، ويمنح الولاة والجهات دورا مباشرا في صياغة مستقبل الجامعات، ما يطرح تساؤلات حول مدى انسجام هذه الصيغة مع مبادئ الاستقلالية الجامعية والرهان على البحث العلمي كقاطرة للتنمية.