
أثار مشروع القانون الجديد المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة في المغرب جدلاً واسعاً بين مؤيدين ومعارضين، بعد أن صوّت مجلس النواب بالأغلبية على النص في نهاية يوليوز الماضي. المشروع، الذي حاز على تأييد 87 نائبا مقابل 25 معارضا، يهدف بحسب الحكومة إلى تعزيز التنظيم الذاتي للصحافيين وضمان استقلالية المجلس، بينما تعتبر نقابات ومنظمات مهنية أنه يهدد المكتسبات ويقيد حرية الصحافة.
وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد مهدي بنسعيد، اعتبر أن المشروع يشكل مرحلة حاسمة لتطوير المشهد الإعلامي الوطني وترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة، مؤكداً أن التنظيم الذاتي للصحافة يمثل ضمانة لاستقلاليتها ورفع معايير أخلاقياتها. وأكدت فرق الأغلبية في البرلمان أن النص يوفر الضمانات الأساسية للصحافيين ويكرس دور القضاء في حل النزاعات ويضمن إطارا قانونيا شفافا.
في المقابل، عبرت نقابات وهيئات مهنية وحقوقية عن رفضها لمنهجية إعداد المشروع، معتبرة أن الحكومة لم تقم باستشارات فعلية مع الأطراف المعنية، ما يعرض استقلالية المجلس الوطني للصحافة للخطر ويترك الباب مفتوحاً أمام تدخل مصالح سياسية واقتصادية. وأعلن الفاعلون في القطاع عن برنامج احتجاجي يتضمن وقفات واعتصامات ومسيرات، بهدف الضغط لإعادة النظر في المشروع، مع إشراك الصحافة الجهوية والهيئات التمثيلية على مستوى الأقاليم.
النقد طال أيضاً النقاط المتعلقة بآلية تعيين أعضاء المجلس بدلاً من انتخابهم، إذ اعتبرها معارضون خطوة تقوض التعددية وتمنح الناشرين هيمنة واضحة على حساب الصحافيين، ما يخلق اختلالات في التمثيلية ويضع قضايا الصحافيين تحت رحمة الناشرين. كما أعرب معارضون عن قلقهم من حذف تمثيلية الجمهور واستبدالها بهيئات رسمية، معتبرين ذلك ضرباً لمبدأ التوازن داخل المجلس.
في المقابل، اعتبر مؤيدو المشروع، من بينهم حزب الأصالة والمعاصرة، أن القانون يشكل استجابة للفراغ القانوني الذي أعاق عمل المجلس منذ انتهاء ولايته سنة 2022، مشددين على أن منهجية بلورة النص اعتمدت على استشارة الهيئات والمنظمات المهنية وأخذ ملاحظاتها بعين الاعتبار، مؤكّدين أن المشروع سيضمن استمرارية مهام المجلس في مجال التنظيم الذاتي للصحافة والنشر وضبط المهنة.
يبقى المجلس الوطني للصحافة، منذ تأسيسه سنة 2018، هيئة لتنظيم ذاتي مستقلة، وقد أصبح مشروع القانون الحالي محور نقاش محتدم بين الأطراف المختلفة، وسط مخاوف من أن يتحول المجلس من هيئة مستقلة لحماية القطاع إلى أداة لضبط النفوذ، بينما يرى مؤيدو القانون أنه خطوة ضرورية لترسيخ النظام المهني وضمان استقرار المشهد الإعلامي.