
في كواليس حزب التجمع الوطني للأحرار، تدور منذ أسابيع نقاشات هادئة لكنها عميقة، حول شكل الحكومة المقبلة في حال تجديد الثقة في الحزب لولاية ثانية. هذه النقاشات تعتبرها مصادر عاجل24 جزء من استراتيجية طويلة المدى يقودها عزيز أخنوش ومحيطه، هدفها إقناع القصر الملكي بقدرة الحزب على الاستمرارية وضمان الاستقرار، خصوصًا في ظل وضع اقتصادي واجتماعي ضاغط.
الخطاب الداخلي للأحرار يقوم على معادلة صعبة: الحفاظ على وزراء أثبتوا حضورًا ونجاعة، وفي الوقت نفسه الدفع بوجوه جديدة قادرة على بث نفس سياسي مختلف. وزير الصحة أمين التهراوي من بين الأسماء التي تحظى بإجماع واسع للبقاء، نظرًا لتعامله مع ملفات حساسة كإصلاح المنظومة الصحية وتعميم التأمين الصحي. في المقابل، يواجه وزير الفلاحة أحمد البواري تحديات كبرى مرتبطة بالجفاف وتراجع الإنتاج، وهو ما جعل بقاءه محل نقاش، خاصة مع وجود مقترحات لإعادة توزيع الحقائب أو الدفع باسم آخر يمتلك خبرة تقنية أوسع في التدبير الفلاحي.
من بين الأسماء التي يروج لها بقوة، يطفو اسم محمد أوجار كمرشح محتمل للعودة إلى وزارة العدل. الرجل يحظى بثقة داخل الحزب وخارجه، ويُنظر إليه كسياسي “هادئ” قادر على إعادة التوازن إلى قطاع يعرف صراعات حادة بين مختلف الفاعلين. في المقابل، يدفع الجناح الشاب في الحزب باسم لحسن السعدي لوزارة السياحة، معتبرين أن القطاع يحتاج إلى وجه شبابي قادر على إعادة رسم صورة المغرب عالميًا بعد سنوات من الأزمات. كما يبرز اسم النائبة البرلمانية ياسمين لمغور، التي تحظى بقبول واسع لتولي وزارة تعنى بالشباب أو الإدماج الاقتصادي، في توجه يترجم رغبة القيادة في تعزيز الحضور النسائي والشبابي داخل الحكومة.
الكواليس لا تخلو من حديث عن دخول أسماء من خارج الهياكل التنظيمية للحزب، خصوصًا رجال أعمال كبار مقربين من الدوائر الاقتصادية والمالية. هؤلاء يُراد لهم أن يكونوا “كفاءات تقنية” قادرة على إعطاء نفس جديد لقطاعات الاقتصاد الرقمي، اللوجستيك، والاستثمار. البعض يرى أن هذا التوجه يعكس استراتيجية أخنوش لتوسيع شبكة النفوذ وربط السياسة بالمال بشكل أوضح، فيما يعتبر آخرون أن هذه الاختيارات قد تثير جدلًا حول تضارب المصالح وتغليب منطق المصالح الخاصة.
ورغم الخطاب العلني المنضبط، فإن الكواليس تشهد احتكاكات بين أجنحة الحزب. فهناك من يدفع باتجاه الاستمرارية دون تغييرات كبيرة، تفاديًا لفتح جبهات جديدة مع الرأي العام، وهناك من يرى أن الحزب في حاجة إلى “عملية تجميل سياسية” بإدخال وجوه جديدة قادرة على امتصاص غضب الشارع. هذا النقاش يعكس قناعة داخلية بأن الفوز بالانتخابات ليس نهاية المعركة، بل مجرد بداية لمفاوضات أصعب مع الشركاء السياسيين.
الأحرار، وفق ما يؤكده مقربون من القيادة، يستعدون لمعركة ما بعد الانتخابات بنفس برغماتي. الهدف الأساس ليس فقط الفوز، بل إقناع المؤسسة الملكية بتركيبة وزارية قوية ومتماسكة، قادرة على تحمل ثقل الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية المقبلة.