
منذ أكثر من عقدين، يطلّ أبو عبيدة بزيه العسكري وكوفيته الحمراء كأبرز وجه إعلامي لكتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس. ورغم أن هويته الحقيقية لم تُكشف قط، فقد تحوّل إلى رمز بارز للمقاومة الفلسطينية، وها هو يعود إلى الواجهة بعد إعلان الجيش الإسرائيلي استهدافه في غارة على مدينة غزة، من دون تأكيد لمقتله حتى الآن.
ظهر اسم أبو عبيدة لأول مرة خلال الانتفاضة الثانية مطلع الألفية، وتحديداً في أكتوبر 2004 حين قاد مؤتمراً صحفياً في مسجد النور شمال غزة، معلناً عمليات عسكرية تحت اسم “أيام الغضب”. ومنذ ذلك الحين بات الوجه الملثم جزءاً من المشهد الإعلامي الفلسطيني، على خطى القائد القسامي الراحل عماد عقل الذي كان يخفي ملامحه بكوفية حمراء قبل اغتياله عام 1993.
في 2005 أصبح أبو عبيدة رسمياً الناطق باسم القسام، ليبلغ ذروة حضوره خلال حرب 2014، حيث تحوّل إلى أيقونة إعلامية عبر بيانات متلفزة ورسائل مقتضبة بلغة فصيحة، من أبرزها إعلانه أسر الجندي الإسرائيلي شاؤول أرون، وهو خطاب دوّى صداه داخل إسرائيل وخارجها.
ما ميزه أنه لم يوجّه رسائله للفلسطينيين فقط، بل أيضاً للإسرائيليين والعالم، مستعملاً لغة ساخرة تجاه القيادة الإسرائيلية، وساعياً للتأثير في الرأي العام. ومع تكرار إغلاق حساباته على فيسبوك وتويتر، استقر حضوره لاحقاً على قناة تلغرام.
ورغم محاولات إسرائيل كشف هويته ونشر صور قالت إنها تعود إليه تحت اسم “حذيفة الكحلوت”، ظل أبو عبيدة محتفظاً بقناعه، لتصبح الكوفية الحمراء جزءاً من صورته الرمزية. ومع كل ظهور، يرافقه خطاب تعبوي يؤكد استمرار المقاومة، ويربط اسمه بعبارات مأثورة مثل “من مسافة صفر”.
إسرائيل وضعته ضمن أبرز أهدافها لسنوات، وتكررت التسريبات عن محاولات اغتياله. وفي الحرب الأخيرة تراجعت وتيرة خطاباته، ما غذّى الشائعات حول سلامته. واليوم، ومع غموض مصيره بعد إعلان استهدافه، يبقى المؤكد أن أبو عبيدة رسّخ حضوره كأحد أبرز رموز المقاومة الفلسطينية، وصوتها الذي أرق إسرائيل لعقدين.