
أثار تضارب أرقام إحصاء القطيع الوطني موجة جدل كبيرة، وسط تساؤلات عن مدى دقة المراقبة الحكومية وضعف الوزارة الوصية في متابعة القطاع الحيواني. فقد أعلنت وزارة الفلاحة أن القطيع الوطني يضم أكثر من 32 مليون رأس من الماشية، بينها 23 مليون رأس من الأغنام، بينما أفادت وزارة الداخلية، التي أشرفت على عملية الإحصاء، بأن العدد وصل إلى 39 مليون رأس، ما يثير استفسارات حول صحة البيانات الرسمية والتباين الكبير بين المصدرين.
وأثارت هذه الأرقام الحقيقية استغراب المهنيين والرأي العام، خصوصاً مع استمرار ارتفاع أسعار اللحوم رغم وفرة العرض، ما يطرح السؤال: من المسؤول عن هذا الاختلال في السوق؟ إذ تشير إحصاءات وزارة الفلاحة إلى أن الأغنام تبلغ 23.158.248 رأساً، منها 16.348.449 أنثى، والماعز 7.474.172 رأسا، والأبقار 2.094.109، والإبل 106.044، بينما تؤكد وزارة الداخلية ارتفاع العدد إلى نحو 39 مليون رأس بين جميع الأصناف.
وقد أطلقت هذه الفجوة الإعلامية جدلاً واسعاً، حيث كتب القيادي عبد الله البقالي، رئيس تحرير جريدة “العلم”، مقالا بعنوان: “أسئلة حارقة فجرها الإحصاء الوطني للماشية”، مستنكراً التباين بين تصريحات وزير الفلاحة والإحصاء الجديد للداخلية، الذي كشف عن ارتفاع عدد القطيع بنسبة تقارب 90٪ خلال أشهر قليلة، وهو ما يستحيل تفسيره وفق معدلات التوالد الطبيعية.
وأوضح البقالي أن هذه التناقضات تعكس اختلالات كبيرة في دقة البيانات الرسمية، وتهدد عدالة توزيع الدعم، إذ قد يستفيد كبار المربين على حساب صغار ومتوسطي الفلاحين المحتاجين فعلياً. وقد وجه فريق التقدم والاشتراكية سؤالاً كتابياً إلى وزير الفلاحة حول هذه الفجوة، متسائلاً عن سبب التباين الكبير بين الإحصاءات المتتالية، وما إذا كان هذا التناقض نتيجة خلل في طرق احتساب البيانات أو أهداف تجارية وفئوية مرتبطة بالدعم الممنوح لكبار المربين عبر الجمعيات المكلفة سابقاً بالإحصاء.
ويطرح هذا الخلاف الرسمي إشكالية حقيقية حول الحكامة والشفافية في القطاع الحيواني بالمغرب، ويستدعي تدخلاً عاجلاً لتصحيح البيانات وضمان توزيع الدعم بطريقة عادلة تحمي صغار ومربّي الأغنام والماشية، وتضع حداً للتلاعب بالإحصاءات التي تؤثر على السوق وأمن الغذاء الوطني.