
في خطوة دبلوماسية لافتة، أعلن المغرب رفضه استمرار الشراكة الأورو-متوسطية في صيغتها الحالية، واصفًا إياها بالمنحازة لصالح دول الشمال وناقصـة الرؤية تجاه دول الجنوب، مقترحًا نموذجًا جديدًا يقوم على التكافؤ والتوازن والمصير المشترك.
وجاء هذا الموقف خلال افتتاح الخلوة رفيعة المستوى حول مستقبل العلاقات الأورو-متوسطية التي احتضنتها الرباط، اليوم الخميس، بحضور مسؤولين أوروبيين يتقدمهم المفوضة الأوروبية المكلفة بشؤون المتوسط دوبرافكا سويكا في أول زيارة رسمية لها إلى المغرب.
وقال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، إن “المغرب لم يعد يقبل أن يُعامل الجنوب كهوامش ضمن برامج أوروبية؛ بل كشريك كامل في بناء فضاء أورومتوسطي مشترك”، مضيفًا أن “المنطقة تواجه تحديات وجودية تتطلب تحولًا جذريًا في طريقة التفكير”.
وأكد بوريطة أن ثلاثة عقود من إطلاق مسار برشلونة أفرزت نجاحات عديدة، لكنها كشفت في المقابل عن أزمات حقيقية، أبرزها غياب رؤية موحدة للفضاء الأورو-متوسطي، والتجزؤ الجيوسياسي في الجنوب مقابل انكفاء أوروبي نحو الشرق، وفشل آليات الشراكة في إدارة الأزمات الكبرى مثل الجائحة والأزمات الغذائية والطاقية.
وكشف الوزير المغربي عن ملامح رؤية بديلة تقوم على تأمين الإمدادات الاستراتيجية في الطاقة والغذاء، وتعزيز الربط الاقتصادي عبر المنصات اللوجستية وسلاسل الإنتاج، وتعبئة الكفاءات البشرية وتنقل الطلبة والمهارات، فضلًا عن إحياء الحوار السياسي المنتظم بين ضفتي المتوسط، وإنشاء صندوق أورومتوسطي للتضامن والاندماج يقوم على الشراكة لا على منطق المانح والمستفيد.
وختم بوريطة بالتأكيد على أن المغرب “يحمل رؤية تحوّلية طموحة ولكن واقعية، تهدف إلى تحويل المتوسط من مجرد جوار جغرافي إلى مجتمع مصير مشترك”، مشددًا على أن الطريق طويل لكنه “ضروري لتصحيح مسار الشراكة وبناء مستقبل أكثر توازنًا”.