
باشرت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية تحقيقات واسعة حول اختلالات محتملة في تدبير التمويلات الموجهة عبر برنامجي “انطلاقة” و”فرصة”، اللذين يستهدفان دعم المقاولات الصغيرة وحاملي المشاريع والشباب في إطار التشغيل الذاتي.
وتأتي هذه التحقيقات عقب تزايد حالات التعثر في سداد القروض، إلى جانب توفر معطيات تشير إلى وجود خروقات إدارية ومالية في مساطر الاستفادة، على الرغم من الميزانيات الضخمة التي تم رصدها لهذه البرامج من طرف الدولة.
يُشار إلى أن برنامج “انطلاقة” يوفر قروضا بشروط تفضيلية، منها نسب فائدة منخفضة لا تتجاوز 2% في الوسط الحضري و1.75% في العالم القروي، مع تسهيلات في الضمانات، حيث يُربط القرض بالمشروع نفسه دون الحاجة إلى ضمانات شخصية، وقد تصل مبالغ التمويل إلى 1.2 مليون درهم.
غير أن هذه الامتيازات شجعت على بروز ممارسات غير قانونية، أبرزها التلاعب بالملفات والوثائق مقابل رشاوى، مما ساهم في رفع معدلات تعثر الأداء. أما برنامج “فرصة”، فقد واجه بدوره تحديات، خاصة بسبب ضعف المواكبة للمستفيدين، ما أدى إلى فشل عدد من المشاريع، وأدى ببعض حامليها إلى المثول أمام القضاء لعجزهم عن سداد القروض التي لا تتجاوز عادة 100 ألف درهم.
وفي هذا السياق، وُجهت انتقادات لعدة مؤسسات عمومية وقطاعات مهنية كانت قد تعهدت بمواكبة المستفيدين، مثل الاتحاد العام لمقاولات المغرب، والمراكز الجهوية للاستثمار، ومؤسسات التكوين المهني، حيث يُطالب بتوسيع نطاق التحقيق ليشمل دور هذه الجهات ومدى وفائها بالتزاماتها.
كما تم توجيه اتهامات للحاضنات المكلفة بتتبع مشاريع برنامج “فرصة”، بعد تلقيها اعتمادات مالية مهمة قدرت بـ500 مليون درهم، دون أن توفر المواكبة اللازمة للمستفيدين، وفق شهادات العديد منهم، مما يفتح الباب أمام المساءلة حول كيفية اختيار هذه الجهات ومعايير اعتمادها.
التحقيقات الجارية من المنتظر أن تشمل جميع المتدخلين في هذه البرامج، مع إحالة الملفات التي تثبت وجود تجاوزات أو إخلالات جسيمة على أنظار القضاء لاتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة.