
أظهرت نتائج مؤشر إدراك الرشوة لعام 2024 أن متوسط النقاط على الصعيد العالمي بلغ 43 من أصل 100، حيث حصلت أكثر من 120 دولة على أقل من 50 نقطة. يعاني ملايين الأشخاص حول العالم من آثار الفساد، بما في ذلك الرشوة والتبذير واختلاس المال العام.
يشير المؤشر إلى وجود ارتباط وثيق بين حالة الديمقراطية ونتائج الدول في مكافحة الرشوة، حيث بلغت درجات “الديمقراطيات الكاملة” متوسطًا قدره 73 نقطة، بينما سجّلت الدول “الاستبدادية” 29 نقطة فقط. تلعب حرية الصحافة والمجتمع المدني دورًا كبيرًا في هذه النتائج، فالدول التي تتمتع بمؤسسات مجتمع مدني قوية وأداء صحافي حر تحصل في المتوسط على 70 نقطة، بينما تنخفض هذه النقاط في البلدان التي تقمع المجتمع المدني إلى 31 نقطة فقط.
فيما يخص المغرب، فقد سجل تراجعًا في مؤشر إدراك الرشوة لعام 2024، حيث حصل على 37 نقطة، بتراجع نقطة واحدة عن العام السابق، ليحتل المركز 99 في الترتيب العالمي. هذا التراجع يعكس صورة سلبية عن تطور الوضع في البلاد على مدار السنوات الأخيرة. ففي تحليل شامل منذ عام 2012، تبيّن أن ظاهرة الرشوة في المغرب لا تزال منتشرة بشكل ممنهج ولم تُتخذ إجراءات فعّالة لمكافحتها. في عام 2018، سجل المغرب أفضل ترتيب له، حيث احتل المركز 73، ولكن منذ ذلك الحين بدأ في التراجع ليخسر 5 درجات و26 مركزًا في التصنيف العالمي لعام 2024 مقارنة بتلك السنة.
تُظهر البيانات التي تعرّضها “ترانسبارانسي المغرب” أن البلاد تعاني من فساد مستشري يستدعي إصلاحات هيكلية حقيقية لمواجهته. للأسف، لا يبدو أن هناك إرادة سياسية كافية للقيام بتلك الإصلاحات، مما يعوق التقدم نحو تحسين الحوكمة والشفافية.
من الجدير بالذكر أن بعض الدول التي تظهر تقدمًا ملحوظًا في مكافحة الرشوة، مثل الدنمارك (90 نقطة) وفنلندا (88 نقطة)، تظل متورطة في انتشار الفساد على مستوى عالمي، من خلال استضافتها “الملاذات الضريبية” التي تساهم في غسيل الأموال وحماية الأموال غير المشروعة.
وفي المقابل، تواصل بعض الدول التي تعاني من صراعات، مثل جنوب السودان والصومال وسوريا، احتلال المراتب الأخيرة في التصنيف بسبب الفساد المستشري فيها، حيث سجلت أدنى الدرجات في مؤشر 2024.
تستمر هذه النتائج في تسليط الضوء على ضرورة تعزيز جهود مكافحة الفساد، وتبني إصلاحات حقيقية لضمان الحوكمة الرشيدة في البلدان المتأثرة بالرشوة.