
أظهرت تقارير سرية صادرة عن سلطات إقليمية وجهات معنية وجود شبكات منظمة لحفر الآبار غير القانونية، والتي تمتد في عدة جماعات حضرية وقروية بجهة الدار البيضاء سطات، بمشاركة بعض المنتخبين وأعوان السلطة.
وتشير المعطيات الميدانية إلى تورط منتخبين، من بينهم من يمتلك شركات لحفر الآبار، في استنزاف غير قانوني للفرشة المائية داخل الجماعات التي يشاركون في تدبيرها، بالتنسيق مع رجال سلطة مثل القواد والباشوات. وتم تسجيل تجاوزات شملت التلاعب بمحاضر قياس عمق الآبار والأثقاب المائية، وتوجيه عمليات التفتيش بعيدًا عن مواقع الحفر غير المرخصة في الأراضي الفلاحية والتجزئات العقارية.
وعلى ضوء هذه المعطيات، قررت الإدارة المركزية لوزارة الداخلية مباشرة تحقيقات مستعجلة من خلال لجنة تفتيش مركزية ستزور أقاليم برشيد ومديونة وعمالة المحمدية خلال الأسابيع المقبلة، بهدف تحديد المسؤوليات واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة. كما أوردت التقارير ضبط فرقة من الشرطة المائية نائب رئيس جماعة بإقليم برشيد متورطًا في توفير حماية لعملية حفر بئر سرية في ضيعة فلاحية، مقابل دعم انتخابي في الدواوير التابعة لنفوذه.
في سياق متصل، شرعت وزارة الداخلية في تطبيق إجراءات إغلاق الآبار غير المرخصة في المناطق التي تعاني من نقص في المخزون المائي، حيث تم إغلاق خمس آبار غير قانونية بجهة الدار البيضاء-سطات، مع فتح تحقيقات في شبكات أصحاب “الصوندات” الذين يعملون على إبعاد لجان المراقبة، وسط تواطؤ بعض أعوان السلطة في التستر على هذه الأنشطة.
وتؤكد التقارير أيضًا وجود تناقضات بين محاضر معاينة صادرة عن القواد وتقارير شرطة المياه، حيث رُصد استغلال آبار مرخصة لأغراض ري وأنشطة صناعية، خلافًا لما هو مدون في المحاضر التي تفيد بأن الاستعمال فردي. كما سجلت مخالفات في استغلال الأراضي كمستودعات تخزين.
تجدر الإشارة إلى أن وزارتي الداخلية والتجهيز والماء أصدرتا دورية مشتركة دعت إلى تشكيل لجان جهوية وإقليمية، برئاسة الولاة والعاملين، تضم مدراء وكالات الأحواض المائية ورؤساء المصالح الإقليمية، للقيام بجرد شامل لجميع الآبار والأثقاب المائية. وتهدف هذه المبادرة إلى الحد من ظاهرة الحفر العشوائي، ورفع مستوى السلامة عبر تجهيز الآبار بالوسائل اللازمة، فضلاً عن توعية المواطنين بمخاطر الاستعمال غير المنضبط للمياه الجوفية.