
دخلت وزارة الداخلية على خط أزمة غير مسبوقة تشهدها عدة جماعات ترابية بمناطق مختلفة من المملكة، بعد تفاقم الخلافات بين الرؤساء ونوابهم حول التفويضات، وما نتج عنها من ارتباك في تدبير المرافق والخدمات المحلية.
مصادر مطلعة أكدت أن مصالح الوزارة وجهت، عبر الولاة، رسائل تنبيه لرؤساء جماعات بجهات الدار البيضاء سطات، بني ملال خنيفرة، فاس مكناس، والرباط سلا القنيطرة، إثر تقارير رفعتها أقسام الشؤون الداخلية بالعمالات، تفيد اتساع دائرة الرافضين لممارسة مهامهم المفوضة، احتجاجا على ما اعتبروه “تسييرا انفراديا” و”شططا في استعمال السلطة”.
التقارير نفسها سجلت توالي ملتمسات الإعفاء من التوقيعات والتفويضات، بدعوى التخوف من تبعات قانونية وقضائية، خصوصا بعد موجة العزل والمتابعات التي طالت رؤساء وموظفين جماعيين، وتزامنا مع تكثيف عمل لجان التفتيش المركزية التابعة للمفتشية العامة للإدارة الترابية، ومجالس الجهات للحسابات.
كما لفتت المعطيات إلى أن جزءا من هذه الملتمسات تحكمه حسابات انتخابية مبكرة، في ظل مؤشرات على تغييرات محتملة في الخريطة السياسية داخل بعض المجالس، ورغبة نواب ومستشارين في إعادة التموضع استعدادا للاستحقاقات الانتخابية المقبلة سنة 2026.
الأزمة لم تقتصر على الخصوم السياسيين، بل شملت أيضا نوابا من نفس الحزب الذي ينتمي إليه الرئيس، وهو ما أثار توترا داخل مكاتب جماعية كبرى. وتحدثت المصادر عن وصول دفعات جديدة من ملتمسات الإعفاء إلى مكاتب الرؤساء خلال شتنبر وأكتوبر المقبلين، على خلفية استفسارات مرتبطة بتقارير تفتيش قد تسقط أسماء وازنة من الترشح في الانتخابات القادمة.
جدير بالذكر أن القانون التنظيمي رقم 113.14 ينظم بشكل دقيق مسألة التفويضات، سواء تعلق الأمر بتفويض الصلاحيات أو بتفويض الإمضاء، مع تحميل النواب كامل المسؤولية عن القرارات الموقعة باسمهم، في حين يمنع على الرئيس ممارسة الصلاحيات المفوضة إلا بعد إلغاء التفويض بشكل رسمي.
وتكشف هذه التطورات عن أزمة ثقة غير مسبوقة داخل العديد من المجالس الجماعية، وهو ما دفع وزارة الداخلية إلى التدخل بشكل صارم، في محاولة لإعادة الانضباط وضمان استمرارية المرفق العمومي المحلي.