الرئيسيةمجتمع

المتقاعدون.. قاعدة انتخابية مهملة في المزاد السياسي

يمثل المتقاعدون في المغرب أكبر قاعدة انتخابية بما يفوق مليوني شخص، لكنهم في الوقت نفسه أكثر الفئات تعرضًا للتهميش والإقصاء. هؤلاء الذين أفنوا حياتهم في خدمة الوطن، جُردوا عند بلوغ سن التقاعد من ألقابهم وصفاتهم، وأُلصقت بهم أوصاف قاسية من قبيل “الجنائز الحية”، بعدما تُركوا لمصير الإهمال، بلا زيادات منصفة في المعاشات، ولا رعاية صحية خاصة، ولا سياسة اجتماعية تحفظ لهم كرامتهم.

ورغم أن الحكومات المتعاقبة ظلت تُخدّر المتقاعدين بالوعود الجوفاء، فإن هذه الفئة باتت اليوم قوة انتخابية وازنة يمكن أن ترجّح كفة أي حزب، إذا ما جرى الاعتراف بحقوقها وإنصافها ماديًا ومعنويًا. فأصوات مليوني متقاعد، ومعهم عائلاتهم، تعني ما يقارب ستة ملايين ناخب، وهو رقم كفيل بحسم نتائج أي استحقاق انتخابي.

المتقاعدون اليوم أمام مفترق طرق: إما أن يظلون أداة في مزاد انتخابي يتسابق فيه الساسة بخطابات رنانة لا أثر لها، أو أن يفرضوا وجودهم كورقة ضغط حقيقية لإجبار الحكومة والأحزاب على الاستجابة لمطالب مشروعة، في مقدمتها رفع المعاشات، تخفيف أعباء العلاج، النقل المدعّم أو المجاني، امتيازات خاصة في الخدمات، والإعفاء من الطوابير الطويلة التي ترهق المسنين.

الرهان إذن واضح: أي حزب يملك الشجاعة ليترجم وعوده إلى قرارات عملية، ويعيد الاعتبار إلى المتقاعد المغربي باعتباره مواطنًا كاملاً لا “جنازة حية”، سيكون الأقرب إلى كسب ثقة هذه الكتلة المليونية. أما من يواصل الاستخفاف بحقوقهم، فسيجد نفسه في مواجهة صناديق اقتراع صامتة لكنها قادرة على إسقاطه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى