
أثارت أزمة تطبيق أجهزة قياس سرعة الدراجات النارية في المغرب موجة غضب واسعة، دفعت رئيس الحكومة عزيز أخنوش إلى تأجيل القرار لمدة سنة، لإتاحة فرصة لأصحاب الدراجات لتسوية وضعيتهم القانونية، لكنها كشفت هشاشة منظومة مراقبة السير وفشل الحكومات السابقة في تطبيق مدونة السير بصرامة.
سلوك المغاربة على الطرق يكشف تناقضاً صارخاً بين الشكوى من حوادث السير وخرق القانون بشكل يومي، حيث يفضل الكثيرون تجاوز السرعة وعدم احترام إشارات المرور في غياب المراقبة، فيما يحترمون القوانين في الخارج خشية الغرامات المالية. وتظل ظاهرة التهور سائدة بين سائقي الدراجات النارية، والسيارات، والشاحنات، إضافة إلى بعض مسؤولي الضيعات الفلاحية الذين ينقلون العمال في مركبات غير صالحة، مسببة حوادث متكررة.
الجدل تصاعد بعد تدخل مدير الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية، بناصر بولعجول، لملاحقة من قاموا بتغيير خصائص الدراجات النارية، لكن التنفيذ جاء متسرعاً بعد ندوة صحافية منتصف يوليوز، دون دراسة كاملة لتداعيات القرار على المواطنين. الصفقة المتعلقة بتوريد 18 جهازاً لقياس السرعة، بقيمة تجاوزت 1.1 مليون درهم، زادت من حالة الاستياء، خاصة أنها فاقت القيمة التقديرية الأولية، ما أثار تساؤلات حول شفافية الإدارة وتدبير الأموال العمومية.
مدونة السير لعام 2010، رغم نصوصها الصارمة، لم تحمِ الطرق بسبب غياب المراقبة الفعلية، إذ تقع المسؤولية القانونية على المصنع والمستورد والمراقب الفني قبل السائق، لكن تطبيق هذه الضوابط على أرض الواقع كان محدوداً، ما ساهم في استمرار حوادث السير.
وزارة النقل أعلنت منح مهلة لمالكي الدراجات للتأكد من مطابقة مركباتهم للمعايير القانونية، بينما دعا برلمانيون إلى مراجعة شاملة للمدونة وتنسيق تام بين كل الجهات المعنية لتفادي الاحتقان الاجتماعي. تدخل رئيس الحكومة لتعليق القرار في مناطق مثل مراكش أوقف موجة الغضب مؤقتاً، لكنه لم يحل المشكلة الجذرية، ما يطرح تساؤلات كبيرة حول مدى استعداد الحكومة لفرض القانون وحماية الأرواح على الطرق المغربية.