
مع بداية شتنبر الجاري، دخلت حكومة عزيز أخنوش موسمه السياسي والاجتماعي الأخير، في وقت يشهد فيه المشهد الحكومي تراكم ملفات ومطالب لم تُحسم منذ سنوات. ويعيش العديد من القطاعات، أبرزها التعليم والصحة والشغل، على وقع احتقان اجتماعي متزايد، فيما تتواصل العراقيل أمام تطوير برامج الدعم الاجتماعي.
وتراهن الحكومة على هذا الموسم الأخير لاستعادة ثقة المواطنين، بعد أن فقدت شعبيتها نتيجة قرارات متذبذبة وعجزها عن مواجهة لوبيات قوية وتجار الأزمات، فضلاً عن ما وصفه مراقبون بـ”الفراقشية” في بعض القطاعات. وتواجه الحكومة أول اختبار حقيقي في إعداد قانون المالية لسنة 2026، الذي يتطلب موازنة دقيقة بين تمويل قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم والاستثمار والملاعب الرياضية، وبين سد العجز وتسديد الديون الخارجية.
وبالرغم من شعارات الدولة الاجتماعية وتوفير الدعم للأسر، يكشف الواقع عن تحديات اقتصادية حقيقية، تشمل ارتفاع الأسعار وتدهور القدرة الشرائية، وارتفاع تكاليف المحروقات والمواد الغذائية، وسيطرة القطاع الخاص على الصحة، إلى جانب نسبة بطالة تجاوزت 12 في المائة، وإقصاء العالم القروي والمناطق الجبلية من مشاريع التنمية.
إقرأ أيضا: الدخول السياسي على صفيح ساخن.. بركة يطلق صفارات الإنذار ضد خصوم الاستقلال
على صعيد التشريعات، ما زالت الحكومة مترددة في تسوية قوانين مهمة، أبرزها مشروع مدونة الأسرة الذي يواجه خلافات بين التيارات المحافظة والليبرالية، وورشة التقاعد، والقانون الجنائي، والإثراء غير المشروع، بالإضافة إلى الجدل حول المسطرة الجنائية والقانون التنظيمي للإضراب، ما يضع الحكومة أمام امتحان حقيقي في إدخال إصلاحات ملموسة قبل نهاية ولايتها.
ومن جهة أخرى، تظهر خلافات واضحة داخل أحزاب الأغلبية، حيث يمارس بعض البرلمانيين دور المعارضة داخل الحكومة نفسها، من خلال انتقاد قطاعات وزارية أو طرح أسئلة كتابية في البرلمان. وتشير المؤشرات إلى سباق انتخابي مبكر بين مكونات الأغلبية للبحث عن الريادة قبل الاستحقاقات المقبلة، مما يضعف الانسجام الحكومي ويعقد تنفيذ البرامج التنموية.
ويعتبر العديد من المحللين أن الدخول السياسي الحالي للحكومة يصاحبه تحديات معقدة، أبرزها تدخل وزارة الداخلية في ملفات أساسية، مما يضع الحكومة أمام اختبار صعب في قدرتها على تنفيذ الالتزامات المقررة، أو تحميلها للحكومة المقبلة مسؤولية المعالجة، في ظل توقعات كبيرة من طرف المواطنين بخصوص تحسين الخدمات وحل الملفات العالقة.